الحرب العالمية الثانية 1939 -1945م
تقديم اشكالي
أسفرت تناقضات فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى والأزمة
الاقتصادية الكبرى سنة 1929م وتصاعد المد الفاشي والنازي عن مناخ من التوتر في
العلاقات الدولية انتهى باندلاع الحرب العالمية الثانية سنة 1939م، امتدت مجرياتها
الى غاية 1945م. فما هي أسبابها؟ وما هي مراحلها؟ وما هي النتائج المترتبة
عنها؟
1-
أسباب الحرب العالمية الثانية
أ-
الأسباب غير المباشرة للحرب العالمية
الثانية
? دور مخلفات معاهدات السلام: لم تكن معاهدات الصلح والسلام التي فرضها الحلفاء على
الدول المنهزمة في الحرب ع.1 عادلة في شروطها، بل تضمنت بنودا فيها التزامات
ترابية ومالية وعسكرية قاسية، وخاصة معاهدة فرساي المفروضة على ألمانيا الشيء الذي
دفع النظام النازي الى العمل على الغاء تلك المعاهدة وإعادة الاعتبار للشعب
وللدولة الألمانية بنهج سياسة رفع التحدي في وجه الحلفاء (فرنسا وبريطانيا خاصة)
فـأعاد تسليح من إقليم رينانيا وضم إقليم السار وانسحب من عصبة الأمم...
? دور الازمة الاقتصادية لسنة 1929م: اثرت هذه الازمة على أوضاع اوربا سياسيا واقتصاديا،
وذلك بإضعاف الأنظمة الديمقراطية وبروز أنظمة ديكتاتورية لجأت الى التوسع لحل
المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها الازمة.
? دور السياسة التوسعية للأنظمة الديكتاتورية: مع بداية الثلاثينات، شرعت كل من اليابان وإيطاليا
وألمانيا في تطبيق برامجها التوسعية، ونهجت سياسة خارجية كمبنية على التسلح وانشاء
الاحلاف لأغراض سياسية واقتصادية (المحور الثلاثي) وخرق المعاهدات المفروضة عقب
الحرب ع.1 والانساب من عصبة الأمم. وهكذا هجم الجيش الياباني على منشوريا شمال
الصين في 1931م، وتوسعت إيطاليا على حساب بلاد الحبشة في سنة 1935م، اما المانيا
فقد مارست سياستها التوسعية بشكل تدريجي حيث ضم هتلر إقليم السار في 1936م وضم
النمسا وإقليم السوديت في 1938م.
? الدور السلبي لعصبة الأمم: عجزت عصبة الأمم عن حل النزاعات الدولية الكبرى ولم
تحرك ساكنا في وجه الأنظمة الديكتاتورية ( التوسع الياباني في الصين، التوسع
الإيطالي في الحبشة، والتوسعات الألمانية في اوربا الشرقية...)، وزاد من ضعفها
انسحاب هذه الدول من العصبة وتكوين احلاف استراتيجية بينها استعدادا للحرب. وتكرس
هذا التحدي من جانب الأنظمة الديكتاتورية من خلال دعمها للحزب اليميني المتطرف
بزعامة فرانكو في الحرب الاهلية الاسبانية ( 1936 -1939م).
ب-
السبب المباشر لاندلاع الحرب العالمية
الثانية
بعد نجاح هتلر في ضم النمسا والسوديت في 1938م بدأ يفكر
في ضم بولونيا في اطار البحث عن مجال حيوي إضافي في الجهة الشرقية، والاستفادة من
ميناء دانزيك والرغبة في تامين قاعدة دفاعية في وجه الخطر الشيوعي القادم من
روسيا، وهكذا بدأ الجيش النازي في اجتياح التراب البولوني في شتنبر 1939م وهو
الحدث الذي أشعل فتيل الحرب العالمية الثانية بين المانيا وحلفائها في
المحور(اليابان وإيطاليا) من جهة والحلفاء التقليديين (بريطانيا وفرنسا) من جهة
اخرى، وهي حرب اتسع نطاقها الجغرافي بدخول اطراف أخرى مثل الو.م.أ والاتحاد
السوفياتي والمستعمرات.
2-
مراحل الحرب العالمية الثانية
أ-
المرحلة الأولى من 1939 الى 1942م
تميزت المرحلة الأولى من الحرب العالمية الثانية باعتماد الحرب الخاطفة، وشهدت هذه المرحلة
احداث مهمة مثل الهجوم الألماني الإيطالي على فرنسا واكتساحها، وشن هتلر هجوم جوي
على المدن الإنجليزية بما فيها لندن لمدة ثلاثة اشهر دون ان يحتلها، واحتلال
إيطاليا على يوغوسلافيا واليونان ودخولها الى مصر
لكن الانجليز تمكنوا من طردهم، إضافة الى
الهجوم الألماني على الاتحاد السوفياتي وتدميرها للسلاح الجوي السوفياتي
على الأرض ووصول الألمان إلى مشارف موسكو،
وعجزها عن التقدم بسبب قساوة المناخ والمقاومة السوفياتية، والهجوم الياباني على
القواعد الأمريكية بالمحيط الهادي (بيرل هاربر 1941) وإعلان روزفلت الحرب على
اليابان.
بفضل اعتماد ألمانيا أسلوب الحرب الخاطفة واستعمال دول
المحور أسلحة جد متطورة جوا وبرا وبحرا حققت ألمانيا وحليفاتها انتصارات كبيرة
خلال هذه المرحلة.
ب-
المرحلة الثانية من 1942 الى 1945م
تميزت المرحلة الثانية من الحرب العالمية الثانية
بشمولية الحرب لأراضي القارات الأربع، وبحار ومحيطات العالم خاصة بعد دخول
الولايات المتحدة الأمريكية الحرب في 1941م ، ورغبة كل معسكر في الانتصار، عرفت
هذه المرحلة احداث مهمة ومواجهات عسكرية بين المتحاربين منها:
انتصار الحلفاء في معركة العلمين 1942م بمصر وتقدم القوات
الانجليزية نحو طرابلس حيث التقت بجيوش الحلفاء القادمة من الدار البيضاء،
وبالتالي طرد قوات المحور من ليبيا ومصر وتونس سنة 1943م وانتصار المقاومة
السوفييتية في ستالينغراد (1943)على ألمانيا وتحرير الجيش الأحمر للأراضي
السوفييتية إضافة إلى تشكيل التحالف الأكبر بين الولايات المتحدة الأمريكية
والإتحاد السوفياتي وبريطانيا ، وشن هجوم على الألمان حررت بموجبه فرنسا واستسلمت
ألمانيا، فتم إعلان الحرب على اليابان وتكثيف الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد
السوفياتي هجومهما على اليابان برا وبحرا وجوا ما بين 1944م و1945م نتج عنه هزائم
متتالية لليابان وإغراق 4 حاملات طائرات يابانية، واستعاد الحلفاء عدة مناطق
(غينيا الجديدة، الفلبين)
أمام رفض اليابان الاستسلام بعد الإنذار الموجه لها من
الولايات المتحدة تم إلقاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما في 6 غشت وناكازاكي في 9
غشت سنة 1945م ما أسفر عن استسلام اليابان.
كان استخدام القنبلة الذرية آخر فصل من فصول هذه الحرب،
وقد ساهم التفوق اللوجستيكي الأمريكي والمقاومة السوفييتية في تغير الحرب لصالح
الحلفاء لتنتهي الحرب مخلفة خسائر مادية وبشرية كبيرة.
3-
نتائج الحرب العالمية الثانية
أ-
النتائج البشرية والمادية:
خسائر بشرية فادحة في صفوف المدنيين والعسكريين
عند جميع الدول المتحاربة بدرجات متفاوتة، مع تضرر كبير لدى الاتحاد السوفياتي- دمار في التجهيزات
والبنيات التحتية والمواصلات والأراضي الفلاحية والمنشآت- ارتفاع كلفة الحرب على
شعوب الدول المتحاربة من الناتج الوطني الخام ( 65.5% من الناتج الداخلى الخام في
المانيا)- تراجع الإنتاج في كافة القطاعات الاقتصادية للدول المتحاربة – انعكاسات
سلبية لتكاليف الحرب على المستوى المعيشي للسكان.
ب-
النتائج السياسية
خريطة سياسية جدية لأوربا غداة الحرب: برزت عقب الحرب تغيرات سياسية وترابية أهمها: ضم أراضي
من اوربا الشرقية لصالح الاتحاد السوفياتي (دول البلطيق)الذي نجح في نشر الشيوعية
هناك، وضم أراض جديدة الى كل من بولونيا ويوغسلافيا وفرنسا التي استرجعت إقليمي
الالزاس واللورين من جديد وخلق مناطق احتلال في المانيا والنمسا من طرف بريطانيا
وفرنسا والو.م.أ والاتحاد السوفياتي...
تأسيس هيئة الأمم المتحدة: وذلك من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين والدفاع
عن قيم الديمقراطية وحقوق الانسان وتفعيل مسلسل التنمية والاجتماعية والثقافية لدى
شعوب العالم، وقد تم وضع الأجهزة والمؤسسات الفيلة بتحقيق أهداف هذه المنظمة
الدولية.
بروز قوتين جديدتين لقيادة العالم: ان مختلف المؤتمرات التي عقدها الحلفاء المنتصرون في
الحرب وبعدها، وخاصة مؤتمر يالطا، عكست في قراراتها انطباعا بتعاظم دور الاتحاد
السوفياتي باعتباره قوة مهيمنة على اوربا على حساب بريطانيا وفرنسا، لذلك فإن
التدخل الأمريكي كان ضروريا لإنقاذ اوربا من الشيوعية والحفاظ على النظام
الرأسمالي في اوربا الغربية وهكذا أصبح العالم تحت قيادة قوتين عظميين في اطار
الثنائية القطبية.
خاتمة
شكلت الحرب العالمية الثانية حدثا حاسما في تاريخ العالم
المعاصر من خلال حصيلتها العامة التي طبعت بعمق مسار الإنسانية سياسيا واقتصاديا
واجتماعيا وثقافيا، وعلى مستوى العلاقات الدولية إلى حين انهيار الاتحاد السوفياتي
وبروز نظام عالمي جديد.
المفاهيم والمصطلحات
الحزب النازي: حزب سياسي الماني متطرف تزعمه هتلر، ووصل الى الحكم عن طريق الانتخابات سنة
1933م.
المجال الحيوي: سياسة توسعية نهجتها الانظمة الديكتاتورية باعتبارها حلا لمشاكلها وازماتها
الاقتصادية والاجتماعية.
موسوليني: زعيم الحزب الفاشي بإيطاليا، وصل الى الحكم بالقوة، وأسس نظاما ديكتاتوريا
في البلاد تحالف مع هتلر خلال الحرب العالمية الثانية.
الحرب الباردة: يطلق على التوتر الذي طرأ على العلاقات الدولية بعد نهاية الحرب العالمية
الثانية نتيجة الصراع بين المعسكر الشرقي بزعامة الاتحاد السوفياتي والمعسكر
الغربي بزعامة الو.م.أ في اطار نظام الثنائية القطبية.
دول الحلفاء: هي الدول التي وقفت في وجه الأنظمة الديكتاتورية خلال فترة ح.ع.2 وتضم
فرنسا، بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
دول المحور: هي الدول ذات الأنظمة الديكتاتورية والتي تحالفت منذ 1936م استعدادا للحرب
ع.2 وهي المانيا النازية وإيطاليا الفاشية واليابان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق