الاتحاد الأوربي نحو اندماج شامل
تقديم إشكالي
يعد الاتحاد الأوروبي من بين التكتلات
الجهوية الناجحة في الوقت الراهن وتسعى دوله إلى الاندماج الشامل فيما بينها
إلا أن هذه التكتل يواجه العديد من المعيقات التي تحد من اندماجه.
فما هي مظاهر الاندماج في الاتحاد
الأوروبي؟ وما هي العوامل المفسرة لهذا الاندماج؟ وما هي حصيلة وتحديات هذا
الاندماج؟
1- الاتحاد الأوروبي: تعريفه
وأهدافه ومبادئه ومراحل تكوينه
أ- الاتحاد الأوروبي وأهدافه
ومبادئه
الاتحاد الأوروبي تكتل جهوي
بين مجموعة من الدول الأوروبية الديمقراطية والتي قررت العمل كمجموعة، وصل عددها
إلى 27 دولة بعد انسحاب بريطانيا نهاية 2019.
ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق
التقدم الاقتصادي والاجتماعي والرفع من مستوى التشغيل وتحقيق تنمية متوازنة
ومستدامة.
وتأسس الاتحاد الأوروبي على
مجموعة من المبادئ منها الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحريات
الأساسية ودولة الحق واحترام الهوية الوطنية للدول الأعضاء.
ب- مراحل تكوين الاتحاد الأوروبي
والمؤسسات المسيرة له
مر الاتحاد الأوروبي في تكوينه ب
ثلاثة مراحل أساسية وهي:
مرحلة المجموعة الأوروبية
للفحم والفولاذ من 1951 إلى 1957: تكونت هذه المجموعة من فرنسا
وإيطاليا وألمانيا الغربية وهولندا وبلجيكا ولكسمبورغ وشمل التعاون بين هذه الدول
مجال الفحم والفولاذ.
مرحلة المجموعة الاقتصادية
الأوروبية من 1957 إلى 1992: تأسست هذه المجموعة بموجب معاهدة
روما سنة 1957 بين نفس الدول المؤسسة المجموعة الأوربية للفحم والفولاذ و تهدف
الحواجز والرسوم الجمركي وتحقيق حرية مرور اليد العاملة.
مرحلة الاتحاد الأوروبي سنة 1992
إلى الآن: تأسس
الاتحاد الأوروبي سنة 1992 بموجب معاهدة ماستريخت التي تهدف إلى إنشاء مجال دون
حدود داخلية وتأسيس اتحاد اقتصادي نقدي يتضمن عمله واحده ونهج سياسة خارجية وأمنية
مشتركة.
ويسهر على تسيير الاتحاد الأوروبي
المؤسسات الآتية:
المجلس الأوروبي: يتكون من
رؤساء الدول والحكومات ويقرر التوجهات الكبرى للاتحاد.
مجلس الوزراء: يتكون من 27 وزيرا ويقر السياسة المشتركة ويحدد الميزانية.
البرلمان الأوروبي: تتكون
من أعضاء منتخبين بالاقتراع العام مهمته تشريع القوانين والمصادقة على الميزانية.
اللجنة الأوروبية: تتكون من 27
مفوضا تقترح التوجيهات وتمثل الاتحاد الأوروبي في المفاوضات مع الدول الأخرى.
البنك المركزي:
يتكون من 27 محافظا الأبناك المركزية مهمته المراقبة المالية وإصدار العملة.
محكمة العدل تتكون من 28 قاضيا ومستشارا مهمتها مراقبة تطبيق القوانين وتسوية النزاعات بين الدول الأعضاء والمؤسسات والأفراد.
2- مظاهر الاندماج في الاتحاد
الأوروبي وعوامله
أ- مظاهر الاندماج المجالي.
بدأ الاندماج المجالي لدول الاتحاد
الأوروبي بالتوقيع على معاهدة روما سنة 1957 تم بموجبها تأسيس المجموعة الاقتصادية
الأوروبية بين ست دول فرنسا وإيطاليا وألمانيا الغربية وهولندا وبلجيكا ولكسمبورغ
ثم نمت شجرة المجموعة بانضمام بريطانيا وايرلندا والدنمارك سنة 1973 واليونان سنة
1981 اسبانيا والبرتغال سنة 1986 السويد والنمسا وفنلندا سنة 1995 وفي سنة
2004 امتد الاتحاد الأوروبي نحو أوروبا الشرقية فانضمت 10 دول( سلوفينيا وسلوفاكيا
وهنغاريا والتشيك وبولونيا ولتونيا وليتوانيا واستونيا وقبرص ومالطا)، سنة 2007
انضمت بلغاريا ورومانيا وبلغوا الاتحاد الأوروبي 28 دولة بعد انضمام كرواتيا سنة
2013.
غير أن عدد أعضائه تراجع إلى
27 دولة بعد انسحاب بريطانيا.
ونميز في هذه الدول المكونة للاتحاد
بين دول تعتبر قلب الاتحاد الأوروبي أهمها فرنسا ودول مندمجة مثل اسبانيا
والبرتغال ودول في طور الاندماج مثل اليونان.
ب- مظاهر الاندماج الاقتصادي
والمالي بين دول الاتحاد الأوروبي.
تمكنت دول الاتحاد الأوروبي من
تحقيق اندماج اقتصادي تجلت مظاهره في:
في المجال الفلاحي:
يتمظهر الاندماج في هذا المجال في إقرار السياسة الفلاحية المشتركة سنة 1962 والتي
تهدف إلى الزيادة في الإنتاج وتحسين مستوى عيش الفلاح وضمان الأمن الغذائي.
في الميدان الصناعي: تتجلى
مظاهر الاندماج في هذا الميدان في تشجيع ودعم المقاولات من خلال تقديم القروض
والتكوين وتشجيع البحث العلمي والتنسيق لمواجهة المنافسة الدولية.
في المجال التجاري:
تمثلت مظاهر الاندماج تجاريا في إنشاء السوق الأوروبي الموحد حيث تم إلغاء الحواجز
الجمركية أمام الأفراد والسلع والخدمات، ثم التنسيق في مجال التبادل مع الخارج(
لجنة التجارة الدولية).
كما تمكنت الدول الاتحاد الأوروبي
من تحقيق اندماج مالي تجلت مظاهره في توحيد السياسة المالية من خلال تداول العملة
الموحدة ( اليورو) بين بعض أعضاء الاتحاد وحرية التنقل الاستثمارات والأموال.
ج- بعض مظاهر الاندماج الاجتماعي
بين دول الاتحاد الأوروبي
تتجلى مظاهر الاندماج الاجتماعي بين
دول الاتحاد الأوروبي في حرية تنقل الأفراد وحرية الاستقرار والعمل في أي
بلد من بلدان الاتحاد وتوحيد جوازات السفر، وإقرار التبادل التربوي بين دول
الاتحاد وتوحيد الشواهد وكذلك محاربة الإقصاء الاجتماعي والتمييز وإنماء العدل
والمساواة.
د- العوامل المفسرة للاندماج
بالاتحاد الأوروبي
يرجع الاندماج الذي حققته دول
الاتحاد الأوروبي إلى عوامل عديدة أهمها:
عوامل جغرافية:تتمثل
في الانتماء إلى قارة واحده وتشابه الظروف الطبيعية مع تكامل الموارد
الطبيعية.
عوامل تاريخية: تجلت في
المصير المشترك بين دول الاتحاد الأوروبي ومعايشة أحداث مشتركة (حروب وأزمات).
عوامل سياسية: تتجلى
في تبني النظام الديمقراطي واعتماد مبادئ وقيم حقوق الإنسان.
عوامل اقتصادية تكمن
في اعتماد النظام الليبرالي والمنافسة الحرة في إطار الاتحاد.
عوامل اجتماعية و ثقافية:
تتجلى في الوعي بأهمية التكتل والاندماج وارتفاع المستوى الثقافي والاجتماعي.
عوامل تنظيمية: تمثلت
في وجود مؤسسات وإدارات تسهر على تسيير وتطبيق قرارات الاتحاد.
3- حصيلة وتحديات الاندماج بين دول
الاتحاد الأوروبي
أ- حصيلة الاندماج في الاتحاد
الأوروبي.
أسفر اندماج بلدان الإتحاد الأوروبي
عن حصيلة اقتصادية ايجابية:
فلاحيا: إسهام
الاتحاد الأوروبي بحصص مرتفعة من الإنتاج العالمي للحبوب والشمندر والأبقار
والخنازير وتحقيق فائض في الإنتاج الفلاحي وتحسين مستوى عيش الفلاحين.
صناعيا:احتلال الاتحاد الأوروبي لمراتب
متقدمة عالميا في صناعة السيارات والصناعات الكيماوية و الميكانيكية وصناعة
الطائرات ومعدات غزل الفضاء وتعد طائرة الايرباص أكبر نموذج لنجاح التكتل الصناعي
في الاتحاد الأوروبي.
تجاريا: هيمنة الاتحاد الأوروبي على حوالي
20% من التجارة العالمية وقوة الإشعاع التجاري
لدول الاتحاد الأوروبي في العالم حيث تصل منتجات الاتحاد الأوروبي غلى أكثر من 50%
من واردات بعض الدول.
ب- تحديات الاندماج الشامل
بين دول الاتحاد الأوروبي.
تواجه بلدان الاتحاد الأوروبي
معيقات تعترض اندماجها الشامل أبرزها: ضعف قطاع الإعلاميات والصناعة الالكترونية
وعدم قدرتها على منافسة الشركات اليابانية والأمريكية، ووجود تفاوتات
سوسيواقتصادية بحيث نجد دول غنية داخل الاتحاد (أوربا الغربية) وأخرى ضعيفة
(أوروبا الوسطى والشرقية)، إضافة عن امتناع بعض الدول الأعضاء استعمال عملة اليورو
وشيخوخة المجتمع وضعف وثيرة النمو الديمغرافي مما يطرح تحديات على مستوى اليد
العاملة.
ج-الآفاق المستقبلية للاندماج في
الاتحاد الأوروبي.
يهدف الاتحاد الأوروبي إلى التأسيس
لأوروبا مستقرة ذات نفوذ قوي في العالم؛ وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بتوسيع
واندماج مجالي أكبر من شانه ان يوفر سوقا استهلاكية داخلية واسعة وينهي حالة
التفرقة في أوروبا.
وموازاة مع ذلك تسعى دول الاتحاد
الأوروبي إلى ضمان قابليته وقدرته على المنافسة الدولية والعمل على تسوية وضعية
المهاجرين السريين بتعاون مع دول العبور والإرسال.
خاتمة
يوصل الاتحاد الأوروبي بناء مشروعه الوحدة ومستثمرا كل إمكانياته التي جعلت منه قوه اقتصاديه لها مكانتها في العالم رغم الصعوبات التي تحد من اندماجه الشامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق