الوحدة 03: تفاوت النمو بين الشمال والجنوب المجال المتوسطي نموذجا
تقديم إشكالي
يتميز المجال المتوسطي باختلاف و تفاوت النمو بين ضفتيه الشمالية
الغنية والجنوبية الفقيرة، وأدى هذا
التفاوت بين الضفتين إلى ارتفاع الهجرة من الجنوب نحو الشمال، وتسعى دول المجال
المتوسطي لخلق تعاون فيما بينها في التخفيف من هذا التباين.
فما المقصود بالمجال المتوسطي؟ وما
هي خصائصه العامة؟ وما هي مظاهر التفاوت بين الضفتين؟ وما هو واقع التعاون
الأورومتوسطي ودوره في خفض الهوة بين الضفتين؟وما آفاقه المستقبلية؟
1- المجال المتوسطي وبعض خصائصه العامة
أ- توطين المجال المتوسطي وبعض
خصائص موقعه
يقع المجال المتوسطي بين دائرتي عرض
21 درجة شمالا و 48 درجة شمالا و17 درجة
غربا.
ويضم الدول المطلة على البحر
المتوسط وينقسم إلى ضفة شماليه أروبية وضفة جنوبية افريقية وآسيوية ويحتل المجال
المتوسطي موقعا استراتيجيا على الصعيد العالمي فهو نقطة التقاء وتواصل حضاري بين
ثلاث قارات إفريقيا واسيا وأوربا وممرا
بحريا استراتيجيا للتجارة الدولية من خلال تحكمه في مضايق مهمة مثل مضيق جبل طارق
و قناة السويس ومضيق البوسفور.
ب-
الخصائص العامة للمجال المتوسطي
تجمع
بين ضفتي المجال المتوسطي مقومات هائلة قد تعزز الترابط والتعاون تتمثل في:
v
مقومات طبيعية: تتمثل
في القرب الجغرافي وتحكم الضفتين في أهم المضايق والموانئ التجارية والسياحية
وامتلاكهما سهولا خصبة و مناخا متنوعا.
v
مقومات بشرية تتجلى في
استقرار النمو الديمغرافي والحضري بالضفة
الشمالية وامتلاكها سوق استهلاكية قويه ويد عاملة مؤهلة، أما الضفة الجنوبية فتعرف
وتيرة سريعة في النمو الديمغرافي والحضري وتتوفر على ساكنه فتية.
v
مقومات اقتصادية تتجلى في
اكتمال النمو الاقتصادي في الضفة الشمالية وضعفه في الضفة الجنوبية ما يوفر مجالات
واسعة للاستثمارات وامتلاكهما موقعا
استراتيجيا متميزا على مستوى التجارة العالمية
إضافة إلى إمكاناتهما السياحية المتنوعة.
2-
مظاهر التفاوت داخل المجال المتوسطي
أ- مظاهر التفاوت داخل المجال
المتوسطي على المستوى الاقتصادي
تتجلى مظاهر التفاوت بين ضفتي المجال المتوسطي
في:
بالنسبة لبلدان الشمال المتوسطي فتتميز
بإنتاج فلاحي وصناعي مرتفع وسيادة
الصناعات المتطورة والعالية التكنولوجية مثل صناعات الطائرات فضلا عن أهمية المواد المصنعة العالية الجودة
في بنيتها التجارية مع بلدان الجنوب المتوسطي الشيء الذي يمكنها من تحقيق فائض في
الميزان التجاري مع بلدان الجنوب
المتوسطي.
وبالنسبة لبلدان الجنوب فتتميز بإنتاج فلاحي وصناعي ضعيف وسيادة الصناعات الاستهلاكية مثل صناعة النسيج
فضلا عن هيمنة المواد الأولية على بنية
التجارية مع بلدان الشمال المتوسطي، زيادة على عجز في الميزان التجاري.
ب- مظاهر التفاوت داخل المجال
المتوسطي على المستوى الاجتماعي
يتميز المجال المتوسطي بالتفاوت بين
ضفتيه على مستوى المؤشرات الاجتماعية:
فدول الشمال المتوسطي تتميز بنسبة التمدرس مرتفعة ومحو الأمية يتجاوز 90 % وارتفاع مؤشر
التأطير الطبي الذي يتجاوز ستة أطباء لكل ألف نسمة خاصة في اليونان إضافة إلى
انخفاض نسبة البطالة وارتفاع مؤشر التنمية البشرية.
أما
دول الجنوب المتوسطي فتتميز
بضعف نسبة التمدرس وارتفاع نسبة الأمية مع انخفاض
مؤشر التأطير الطبي الذي يصل إلى ثلاثة أطباء لكل ألف نسمة خاصة في
لبنان زيادة على أن مؤشر التنمية البشرية
بهذه الدول متوسط.
3- مجالات التعاون الاورومتوسطي وحصيلته
وآفاقه المستقبلية
أ- مجالات التعاون الاورومتوسطي
وضع
مؤتمر الاورومتوسطي المنعقد في برشلونة بإسبانيا سنة 1995 أسس الشراكة بين دول
البحر الأبيض المتوسط التي تم تفعيلها عبر مخططات وبرامج التنمية وشملت مجالات
التعاون التالية:
v
التعاون السياسي والأمني: ويشمل
مجالات احترام حقوق الإنسان والديمقراطية ومحاربة مشاكل الهجرة السرية وتهريب
المخدرات.
v
التعاون الاقتصادي والمالي: ويهم
إنشاء منطقة للتبادل الحر بإلغاء الرسوم
الجمركية وخلق مناطق حرة والتعاون في قطاع
الاستثمار ودعم المقاولات وتنمية المبادلات التجارية بين البلدان المتوسطية.
v
التعاون الاجتماعي والثقافي: ويعنى
بالتعاون بين مختلف مكونات المجتمع المدني وتشجيع الحوار بين الثقافات
والحضارات...
ب- حصيلة التعاون الاورومتوسطي
وآفاقه المستقبلية
لم
تحقق الشراكة الاورومتوسطية كل أهدافها فالاندماج الاقتصادي الجهوي بين البلدان
المتوسطية الجنوبية ضعيف والمبادلات التجارية بين البلدان المتوسطية هزيلة ولا
تمثل سوى 15 في المائة من مجموع
مبادلاتها التجارية والتنافسية مع
الأسواق الأوروبية لم تسمح بتحسين جودة الإنتاج في الجنوب المتوسطي هذا رغم ارتفاع
عدد المشاريع وقيمتها في إطار برنامج ميدا الثاني
الممول من طرف الاتحاد الأوروبي ويظهر أن الشراكة الاورومتوسطية يجب أن تتجاوز منطقة واسعة للتبادل الحر إلى خلق فضاء حقيقي يضمن مصالح
الجميع في إطار من الاحترام المتبادل وانخراط الأنظمة السياسية في الضوابط الكونية للحداثة والديمقراطية وحقوق
الإنسان.
خاتمه
سيبقى المجال المتوسطي نموذجا لعدم التكافؤ بين بلدان الشمال الغنية وبلدان الجنوب الفقيرة ه ما لم يتم رفع التحديات ومواجهة مشاكل الاستثمار والسياسية الحمائية والصراعات السياسية وتزايد حدة الهجرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق