البرازيل:
نمو اقتصادي واستمرار التفاوت في التنمية البشرية.
تقديم
إشكالي
ينتمي البرازيل إلى البلدان الصاعدة الجديدة، ويعد من
أبرز القوى الإقليمية ضمن بلدان الجنوب لكونه حقق نموا اقتصاديا سريعا وصف
بالمعجزة. لكن رغم ذلك ما يزال البرازيل يصنف ضمن أقطاب العالم النامي نظرا
لمواجهته مشاكل كبيرة على مستوى التنمية البشرية.
فما مظاهر النمو الاقتصادي بالبرازيل؟ وما عوامله؟ وما
هي أبرز المشاكل والتحديات التي تعترضه؟
1- مظاهر النمو الاقتصادي
بالبرازيل والعوامل المفسرة له
أ- مظاهر نمو الفلاحة
البرازيلية والعوامل المفسرة له.
v
مظاهر نمو الفلاحة
تعد البرازيل عملاقا فلاحيا في بلدان الجنوب، وتتجلى
مظاهر نمو فلاحتها في مؤشرات عدة أهمها:
¯
تنوع المنتجات الفلاحية وخاصة التسويقية مثل البن
والصوجا وقصب السكر.
¯
تركزها في القسم الجنوبي الساحلي مقابل انتشار
تربية الماشية في القسم الأوسط.
¯
ضخامة الإنتاج مثل إنتاجها 2.268 مليون طن من البن
سنة 2012.
¯
احتلال مراتب متقدمة عالميا فهي الأولى في إنتاج
البن وقصب السكر والبرتقال والثالثة في إنتاج الذرة والخنازير...
¯
ارتفاع مردودية الهكتار الواحد واستقطاب عمال ذو
كفاءة عالية...
v
العوامل المفسرة لنمو الفلاحة البرازيلية
يفسر نمو الفلاحة البرازيلية بالعوامل الآتية:
العامل الطبيعي: تستفيد الفلاحة البرازيلية من المؤهلات الطبيعية
التي تزخر بها البلاد في مقدمتها وجود سهول وأحواض واسعة مع خصوبة تربتها، وتنوع
المناخ الذي يسهم في تنوع الإنتاج، إضافة إلى وفرة التساقطات وشبكة مائية كثيفة
ودائمة الجريان في طليعتها نهر الأمازون ووجود مراع شاسعة وغطاء غابوي مهم (غابة
الأمازون).
العامل البشري: يتمثل هذا العامل في العدد الكبير من السكان الذي
تجاوز 209 مليون نسمة سنة 2017 وتهيمن عليه الفئة النشيطة مما يوفر يدا عاملة
رخيصة وسوقا استهلاكية واسعة.
العامل التاريخي: يتجلى في استفادة الفلاحة البرازيلية من الدورات
الاقتصادية التي مرت بها البلاد التي ساهمت في توسيع المساحات الراعية وتنويع
الإنتاج.
العامل التقني والتنظيمي: أهمها استفادة الفلاحة من الاعتماد الكبير
على الآلة والبذور المنتقاة، والاستفادة من الاستثمارات الوطنية والأجنبية ثم تدخل
الدولة عبر دعم الزراعات التسويقية وتشجيع مراكز البحث العلمي،إضافة إلى وجود
استغلاليات رأسمالية تسويقية تسمى Latifundia.
ب- مظاهر نمو الصناعة
البرازيلية والعوامل المفسرة له.
v
مظاهر النمو
أصبحت البرازيل بلدا صناعية وطرفا فاعلا في الصناعة
العالمية، ومن مظاهر نهضتها الصناعية ارتفاع مستمر للإنتاج الصناعي وتنوع المنتجات
الصناعية( السيارات والفولاذ والنسيج...) وضخامة الإنتاج الصناعي واحتلال مراتب
متقدمة عالميا وظهور صناعات عالية التكنولوجية مثل صناعة الطائرات والأسلحة
ومساهمة الصناعة في الناتج الوطني الخام بنسبة 34.3%
سنة 2006 وتوفرها على مثلث صناعي يضم أنظمة حديثة ومتنوعة.
v
العوامل المفسرة لها النمو
يرجع نمو الصناعة البرازيلية إلى:
العامل الطبيعي: تزخر البرازيل بموارد معدنية وطاقية مهمة ومتنوعة
مثل الحديد والبوكسيت والنفط والغاز... إضافة إلى الطاقات البديلة المتمثلة أساسا
في إنتاج الإيثانول من قصب السكر...
العامل البشري: يتمثل هذا العامل في العدد الكبير من السكان الذي
تجاوز 209 مليون نسمة سنة 2017 وتهيمن عليه الفئة النشيطة مما يوفر يدا عاملة
رخيصة وسوقا استهلاكية واسعة.
العامل التاريخي: استفادة الصناعة البرازيلية من التطور الصناعي
الذي مر بثلاثة مراحل كبرى منذ أزمة 1929: مرحلة التصنيع المعوض للاستيراد، ثم
مرحلة التصنيع الحاث على التصدير، ثم مرحلة الانفتاح الليبرالي منذ 1990م.
العامل
التنظيمي: يتجلى في الدور الإيجابي للدولة من خلال إنجاز البنية
التحتية والتنسيق بين المؤسسات الإنتاجية ودعم البحث العلمي والاستفادة من
الاستثمارات الوطنية والأجنبية ثم تبني نظام رأسمالي مرتكز على اقتصاد السوق مع
تنظيم بنكي جيد ومحكم.
ج- مظاهر نمو التجارة
البرازيلية والعوامل المفسرة له.
v
مظاهر نمو التجارة
حققت التجارة البرازيلية نمو كبيرا تجلت مظاهره في:
¯
تنوع مكونات بينية تجارتها الخارجية من الآلات
وتجهيزات النقل ومنتجات التكنولوجيا العالية....مع هيمنة المواد المصنعة عليها.
¯
تعدد الشركاء التجاريين من جميع قارات العالم في
مقدمتهم الاتحاد الأوربي والصين والولايات المتحدة الأمريكية.
¯
تسجيل ارتفاع قيمة الصادرات مقابل انخفاض قيمة الواردات
مما يمكن البرازيل من تحقيق فائض على مستوى الميزان التجاري.
v
العوامل المفسرة لنمو التجارة البرازيلية.
يفسر نمو التجارة البرازيلية بالعوامل الآتية:
العامل الطبيعي والبشري:تتمثل في موقع جغرافي استراتيجي منفتح على المحاور
التجارية العالمية وتعداد سكاني كبير يوفر اليد العاملة اللازمة وسوق استهلاكية
داخلية واسعة.
العامل
التنظيمي:يكمن في إنتاج
اقتصادي ضخم ومتنوع، ثم الاستفادة من الاستثمارات الوطنية والأجنبية ومساهمة الشركات الرأسمالية
المتعددة الجنسيات، زيادة على تبني نظام رأسمالي مرتكز على اقتصاد السوق مع تنظيم
بنكي جيد ومحكم والانتماء إلى مجموعة "مركسور" وأخيرا بنية تحتية قوية:
وجود موانئ كبرى مجهزة: ساو باولو، ريو دي جانيرو.
2- التحديات
والمشاكل التي تواجه الاقتصاد البرازيلي.
يواجه
الاقتصاد البرازيلي تحديات متعددة وكبيرة وهي:
تحديات
اقتصادية: تتمثل في
ارتباط الاقتصاد البرازيلي بالأسواق الخارجية وتزايد حدة التبعية التكنولوجية
والسيطرة الكبيرة للشركات المتعددة الجنسيات، زيادة على تضخم الدين الخارجي
وازدواجية القطاعات الاقتصادية.
تحديات
اجتماعية: من أبرز
التحديات الاجتماعية الانتشار الواسع للفقر والبؤس وتفشي ظاهرة البطالة والسكن
الصفيحي (الفافيلا) والفوارق الاجتماعية بوجود فئة غنية وقليلة تستحوذ على نسبة
مهمة من الناتج الداخلي الخام وفئة عريضة تعيش الفقر مما ينعكس على مستوى التنمية
البشرية...
تحديات
مجالية: تعتبر
الواجهة الأطلسية منطقة محضوضة على مستوى التنمية البشرية حيث يتركز السكان
والأنشطة الاقتصادية بينما تبقى المناطق الأخرى في الوسط الغربي والشمال كهامش
متخلف ومصدر للهجرة الداخلية. كما يلاحظ التباين كذلك على مستوى الواجهة الأطلسية
بين شمال شرقي مساعد على التطور وبين جنوب شرقي استقطب هجرات أوربية خلال القرنين
19 و20م فأصبح مجالا اقتصاديا واجتماعيا حيويا ينعم بمستويات عالية من التنمية
البشرية.
تحديات
بيئية: تتجلى
التحديات البيئية في إتلاف غابة الأمازون وانجراف التربة بسبب الامطار الغزيرة
طيلة السنة وتلوث المدن الصناعية الكبرى.
خاتمة
تمكن البرازيل
من بناء قوة اقتصادية تعد من أبرز التجارب الناجحة عالميا بفضل مؤهلاته الطبيعية
والبشرية والتقنية والتنظيمية، لكنه يبقى نموا غير متوازن على المستوى المجالي
للبلاد وأيضا على المستوى الاجتماعي حيث لا زالت مستويات التنمية البشرية متدنية
بين فئة عريضة من السكان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق